لن يقفل في وجهك باب يا بني حين تكون طبيبا، ولن يرد الناس لك طلبا، كل فتاة في عصرنا الحاضر تود لو تصبح ذات يوم زوجا لطبيب، وكل أم تقول لجارتها وهي ترضع طفلها وتمسح يديها على رأسه إن ابني هذا سيكون طبيبا.
يا بني ستكون رجلا مشهورا حين تكون طبيبا، فكيف ترضى أن تكون زوجا لفتاة مغمورة لا يكاد يعرف أهلها أحد، سوف تعض على يديك ندما وحسرة يوم ترى ما بينكما في المستقبل، ولن ينفعك يومئذ حسرة ولا ندم.
ما أكثر ما كنت تقول يا والدي وما أكثر ما كنت تؤمل، ولقد كنت حريصا على أن أكون عند ظنك وألبي نداء نفسك وأجيب هتاف قلبك، ولكن البيئة التي أعيش فيها سدت الطريق أمام ما كنت تؤمل وأمام ما كنت أريد.
من الآباء يا والدي العزيز طائفة كانوا يودون لو يكونون في هذه الحياة شيئا مذكورا، فقصرت بهم العزائم أو حالت دون أمانيهم أحداث قاسية ومطالب عيش لا ترحم، فهم يريدون أن يعوضوا أنفسهم ويعزوها بأن يروا ما فقدوه حياً ماثلا في أبنائهم، فتراهم يرسمون لهم الخطط، ويضعون لهم معالم الطرق، ويصبون النصائح في آذنهم صبا، ويلقون عليهم الأوامر والنواهي كأنهم جنود يعيشون في ثكنات عسكرية.
ولكن كثيرا من أولئك الأبناء الذين يعيشون في بلاد أجنبية الدم والدين يكونون في شغل شاغل عما يريده آباؤهم: