ولقد عرف الرسول صلوات الله عليه اليهود، وشافههم أول من عرف وشافه من أهل الكتاب بعد أن هاجر إلى المدينة، وكانوا على بينة من أمر نبي يُبْعث في آخر الزمان يعرفون صفاته وتتحرك ألسنتهم بسماته ويعلمون أنه الحق من ربهم، ويتوعدون به وقد حان حينه وتقارب زمانه، غيرهم من مشركي يثرب، ولكن الذين ما حفظوا عهود موسى عليه السلام، والذين جرعوه كئوس الخلاف عن أمره متزعة، والذين لم يحفظوا التوراة التي استحفظوها فحرفوها حتى أُنسوها ووضعوا مكانها من كلام غير الله ما لا تثبت نسبته إلى السماء حجة، ولا يقوم على ذلك بها دليل.. هؤلاء الذين لم يكن حظ عيسى عليه السلام من أحفادهم أطيب من حظوظ من سبقوه، كان أحفادهم أمناء على أحقادهم المورثة ومكايدهم لمن عداهم فشعارهم في كل اتجاه {لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ}[١٢] .
فإنهم يطلقون "الأميين"على كل من ليسوا يهوداً، ويعاملونهم كما يشهد عليهم التلمود وبروتوكولات حكماء صهيون [١٣] بأحط ما تعامل به الحيوانات.
وفي باب الهجرة من صحيح الإمام البخاري رحمه الله جـ٢ ص ٢٣٠ طبعة الحلبي القاهرة ١٣٧٢هـ من حديث أنس بن مالك قال "فلما جاء نبي الله صلى الله عليه وسلم -أي إلى المدينة- جاءه عبد الله بن سلام فقال:
"أشهد أنك رسول الله، وأنك جئت بحق، وقد علمت اليهود أني سيدهم وابن سيدهم، وأَعلمُهم وابن أَعلمِهم، فادعهم فاسألهم عني قبل أن يَعلموا أني قد أسلمت، فإنهم إن يَعلموا أني قد أسلمت قالوا فِيَ ما ليس في.. فأرسل نبي الله صلى الله عليه وسلم فأقبلوا، فدخلوا عليه فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: