والأيام والليالي تؤكد أن الأبناء على هوى الآباء " ولا تلد الحية إلا الحية "وأنهم في بغيهم وصلفهم وغيهم على قلب رجل واحد، رجل حاقد واحد -سواء في ذلك أحبارهم ورجال دنياهم- وقديما قيل:"من التعذيب تهذيب الذئب، ومن العناء رياضة الهرم"و "شديد عادة منتزعة"إن القوم يملكون اليوم مقاد الإعلام العالمي المجنون، ويتلاعبون بالأفكار، ويتوسلون بكل سبيل إلى استثارة الغرائز واستمالة الأغرار، وإشباع أهواء من يحسبونهم قادرين على خدمة أغراضهم في قيادة العالم، والتصرف في مقدراته كما يشاءون، ويجامعهم في كثير من عدة المكايد من غير اليهود أقوام في نفوسهم كحز المدى على الإسلام والمسلمين، يدخلون معهم تحت عنوان "أهل الكتاب" ويدني بعضهم إلى بعض -إلى حين- فرصة يظنونها تُعِين على التمكين من المسلمين، وبينهم من الخلاف الواغل ما لا يخفى على لبيب، واصطلاحهم الظاهري على ذلك في هذه الأيام، كسحابة الصيف وخيال الطيف لا تلبث الأعين أن تبصرها حتى يدركها الزوال، {وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ}[١٥] .
وما ينبغي أن تستبد بنا الغفلات، أو تستهوينا الشعارات أو يخدعنا عن حقائق الأشياء كلامُ مُنَمَّقٌ تردده كالببغاوات أبواق الشرق، أو حديث مزوقٌ يرسله في مجتمع الإسلام أقوامٌ هم أصداء للغرب وأفكاره وتصوراته ومطامحه وأطماعه، فإن هؤلاء جميعا {هُمُ الْعَدُوّ}[١٦] الذي ينبغي أن نعرفه ونكشفه في نور الإسلام وضياء الحنفية السمحة التي يظلمها من يقيسها بغيرها.