للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأخيه: {إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى} ، أسمع ما يقال، ورأى ما يعمل، ويقول لنا المفسرون عن كل كلمات الحمد التي بدئت بها سور أو آيات، ولم يذكر قبلها القول صريحا، أن يذكر قبلها تقديرا {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} قل أو قولوا: الحمد لله رب العالمين {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ} قولوا: الحمد لله الذي خلق السماوات والأرض إلى آخر الآية {الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ جَاعِلِ الْمَلائِكَةِ رُسُلاً أُولِي أَجْنِحَةٍ} أي قولوا: الحمد لله، وهكذا بقية الآيات التي من هذا النوع، فآيات ذكر فيها لفظ القول، وآيات للقياس عليها، وفرق آخر بين الشكر والحمد، وهو أن الشكر بالنسبة للإنسان ألزم من الحمد، لأن الشكر عمل كما أوضحنا، والحمد قول كما أوضحنا أيضا، والعمل للإنسان أجلّ {آمَنُوا وَعَمِلُوا} {وَقُلِ اعْمَلُوا} {ِ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنِّي عَامِلٌ} {فَلْيَعْمَلِ الْعَامِلُونَ} ولم يبلغ القول في القرآن إلى مستوى العمل أبدا، فالكثيرون يدعون صحة الاعتقاد، وإن يقولوا تسمع لقولهم تجده يخالف نهائيا ما ادعوه، والكثيرون يقولون، ولو حقا، ومن القول الحق ترديد كلمتي الحمد والشكر، ولكن الصعوبة في تحويل صحة الاعتقاد وحسن القول إلى عمل، وتحريك الجوارح لتكون آلة بشرية تنتفع وتنفع، أذكر وأنا في تجوالي في بعض البلاد الإسلامية، ركبت سيارة أجرة، وفيها أربعة بالسائق من أهل البلد الذي كنت فيه، وبعد أن تحركت السيارة صاح أحدهم بكلمة: الحمد لله، وردد الباقون جميعا وراءه، وكنا في نهار رمضان، فقلت لعلها صحبة طيبة جمعها الله على حمده، لعونه لهم على صيام شهره، وما لبث أحدهم أن أخرج من جيبه علبة الدخان وأشعل سيجارة، وربما هو الذي صاح فيهم بكلمة الحمد، وكما رددوها جميعا وراءه، تبعوا جميعا في إشعال سجائرهم،