أما العباد الشاكرون وقد انقطع عملهم بترك الدنيا، فإنهم هم الذين سيشكرون من ربهم في الآخرة بالأجر الذي سيظلون أبدا يحمدونه من أجله، لما يقول لهم سبحانه بعد أن يستقروا في نعيمهم:{إِنَّ هَذَا كَانَ لَكُمْ جَزَاءً وَكَانَ سَعْيُكُمْ مَشْكُوراً} ، وأظنه قد وضح لكم تماما، أني ما قصدت المفاضلة بين الحمد والشكر، فكلاهما لا غنى للمؤمن عنهما يصرفهما إلى الله وحده وإنما قصدت توضيح أمر علمي على النحو التالي: أن نحمد ونشكر بالقلب والقول، وأن نخص الشكر بالعمل لأنه الإلزام للعبد، وبانتهاء شكرنا في الدنيا يستأنف الشكر لنا من الله بسخاء عطائه، ومن أجل هذا العطاء يستأنف الحمد منا له أبدا الآبدين، إن شاء الله، فلعلنا نعرف اليوم كيف نكون شاكرين، عسى أن نكون يومها من الحامدين.