وهاهو ذا رسول الله –صلى الله عليه وسلم-ينال منه المشركون، فيكسر أنفه ورباعيته، وتشج جبهته، وتكلم شفته، وتخل حلقتان من المغفر في وجنته، ثم يسقط في حفرة أعدها العدو للمسلمين.. كل ذلك يصيب رسول الله –صلى الله عليه وسلم- بذنب المسلمين الذين خالفوا عن أمره، فكان لا بد من تلقينهم الدرس الذي يتكافأ مع خطيئتهم.
أما أهم دروس أحد هذه فهو ما تعلموه من مصير (قزمان) ، ذلك المصير الذي أكد لهم من جديد أن أبواب الجنة لن تفتح إلا للمجاهدين في سبيل الله، العاملين لإعلاء كلمته، المتفانين في طاعة رسوله.. فلا الشجاعة، ولا الدفاع عن الحمى والنسب بنافع عند الله شيئاً، إذا لم يؤيد ذلك كله بالرغبة الخالصة في مرضاته..
حقاً لقد كان (قزمان) بطلاً رائعاً، ولكنها بطولة ضائعة لم تعرف المثل الأعلى.. الذي يقود إلى الجنة، لقد كان بطلاً من أهل النار.
هذا الدين
إن هذا الدين ليس بظرية يتعلمها الناس في كتاب للترف الذهني والتكاثر بالعلم والمعرفة، وليس كذلك عقيدة سلبية يعيش بها الناس بينهم وبين ربهم وكفى، كما أنه ليس مجرد شعائر تعبدية يؤديها الناس لربهم فيما بينهم وبينه، إنّ هذا الدين إعلان عام لتحرير الإنسان، وهو منهج حركي واقعي يواجهه واقع الناس بوسائل مكافئة، يواجه حواجز الإدراك والرؤية بالتبليغ والبيان، ويواجه حواجز الأوضاع والسلطة بالجهاد المادي لتحطيم سلطان الطواغيت وتقرير سلطان الله.