ثم بعد، فلكي نكون شاكرين، يتحتم أن نكون صابرين، فلابد من بسمة ودمعة {وَبَلَوْنَاهُمْ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئاتِ} وخير حسناته إلينا هو ما قدمه إلينا في قوله: {وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً} حيث الظاهرة هدانا للإسلام، والباطنة ستره لمعاصينا، لهذا فُرض علينا شكرُه.
نسأله العون على القيام له بالمفروض علينا، عسى أن يتم علينا نعمته في الدنيا والآخرة، فقد سئل الحسن رضي الله عنه عن معنى تمام النعمة فقال:"أن تضع رجلا على الصراط ورجلا في الجنة"ومسك الختام هذا الحديث العظيم، روى ابن أبي الدنيا، وابن حجر العسقلاني، عن عمرو ابن شعيب، عن أبيه عن جده قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "خصلتان من كانتا فيه، كتبه الله صابرا شاكرا، ومن لم يكونا فيه، لم يكتبه صابرا ولا شاكرا: من نظر في دينه إلى من هو فوقه، فاقتدى به، ومن نظر في دنياه إلى من هو دونه، فحمد الله على ما فضله به عليه، كتبه الله صابرا شاكرا: ومن نظر في دينه إلى من دونه، ونظر في دنياه إلى من هو فوقه فأسف على ما فاته، لم يكتبه الله صابرا ولا شاكرا"، سألنا الله الخصلتين، واستعذنا به من ضدهما، وكتبنا عنده صابرين شاكرين.