على أن مقدمات مدائح الصولي لا تسير على وتيرة واحدة، أو تنحصر في مجال واحد، فنراه أحيانا يخالف منهجيه السابق، فيجعل افتتاحيات قصائده شكوى لهمومه وأحزانه، وتنفيسا عن تباريحه وأسقامه، على نحو قوله في مقدمة ميميته لابن مقلة وزير الرضي:
أنا من بين ذا الورى مظلوم
وإذا ما خصمتهم مخصوم
تخطاني الحظوظ فآسى
ومكاني من علمهم معلوم
كم ترى في الزمان مثلي حتى
لميرمني الوزير فيمن يروم
وقد يخالف الصولي ما تواضع عليه الشعراء، فلا يقدم لمدائحه بمقدمات، بل يتناول موضوعه مباشرة، كما فعل في مديحته النونية التي هنأ بها البردي وزير المتقي لله، بتوليه زمام الحكم.
وإذا كان الصولي لا يقدم أحيانا لمدائحه للوزراء – فإنه قلما يمدح الخلفاء بقصائد دون أن يقدم لها بمقدمات غزلية أو استبشارية أو غيرها، فلم نعثر إلا على مديحة واحدة للراضي –وهي مديحته الزائية- بدأها الصولي بالدعاء للخليفة دون أن يقدم لها.. حيث قال:
بارك الله للأمير أبي العبا
س خير الملوك في النيروز
وأراه أولاده الغر أجدا
رًا بملك نامٍ وعزٍّ عزيز
غير أن الصولي في معظم الأحيان يقدم القصائده بمقدمات غزلية، قد تطول أو تقصر حسب انفعاله، وحالته النفسية، فقد تكون بيتًا واحدًا كما في داليته للخليفة المعتضد بالله [٢] ، وقد تصل إلى العشرين بيتًا كما في مقدمته لقصيدته البائية [٣] التي مدح بها الوزير ابن الفرات. وعمومًا فمقدماته الغزلية تتراوح بين الأربعة والخمسة الأبيات، أما مقدماته الاستبشارية فهي دائمًا متوقفة على تولى الخلافة أو الوزارة أو الإمارة.