وإذا تركنا مقدمات مدائح الصولي إلى مدائحه نفسها، وجدناه يجسم المثالية الخلقية تجسيمًا قويًا في ممدوحيه، فهو حين يمدح الخلفاء أو الوزراء أو الأمراء، لا ينفصل عن منهج السابقين والمعاصرين، حيث يتمثل المعاني العربية المتوارثة، كالشجاعة والكرم والوفاء والإباء، وغير ذلك مما يتصل بالأخلاق الفاضلة، والخصال الحميدة.
فتراه يمدح الخليفة الراضي بالشجاعة، وأن قواده وجنوده يستمدون منه القوة والمقدرة القتالية، وأنه سيف على الخارجين عليه، العاصين لأوامره، وهو المقتدر المطفئ لنار طغيانهم.. يقول:
جيوشه حوله كما حدقت
بالبدر بدر التمام أسعده
سيف على مَنْ عصاك مقتدر
تطفي به طغيانه وتغمده
ويمدح قائده - ابن ياقوت - بالشجاعة والبأس، وأنه قبلة الحرب، المؤيد بنصر الله فيقول:
يا إمام الهدى استمع لوليِّ
سائر في مديحكم ركاضِ
يفضل الناس في الشجاعة والبأس
كفضل الدَّيس لابن مخاض
قبلة الحرب حين تجتنب الحر
ب وتدرى خيولها في العراضِ
ويمدح الصولي الأمير توزون بالإقدام والفتك والجرأة يوم احتدام الوغى، والتقاء الأقران، فيقول:
عرفت بإقدام وفتك وجرأة
فما أحد في كل ذلك ينكرك
إذا التقت الأقرانُ واحتدم الوغى
فسيفك بالنصر القريب يبشرك
وإن جر يومًا عسكرًا ذو تجمع
فسيفك فردًا في قتالك عسكرك
ويساير الصولي - في مدائحه - تيار الشعر المتوارث، فيمدح الراضي بأكبر الصفات والمعاني التي كان يفاخر بها العرب وهي صفة الكرم حيث يقول: