غير أن هذه الشكوى وهذا البكاء – في شعره – يصلان أحيانا إلى حد الاستجداء والذل فيظهر في شعره جانب الضعف الإنساني، حيث يرفع نحيبه وخوفه من المصير والمستقبل والفقر. ولا شك أن هذه الظاهرة كانت سبببا في أن بعض الباحثين [٧] وصموه وعابوه.
والحقيقة إن هذه السمة بارزة في شعره، فهو دائم الاستجداء سواء من الخلفاء أو الوزراء – إن تلميحا.. وإن تصريحا – من مثل قوله للخليفة الراضي بالله، مشيرا إلى ما بينه وبين دهره من صراع وحرب عوان، فيشكو ذل الحاجة ومر السؤال، استجداء للجود، وطمعا في العطاء..
إن بيني وبين دهري حربا
جاوزت حرب داحس والبسوس
أنا منه لغير هجر ووصل
واقف بين لوعة ورسيس
فاعتبر ما شكاه عبدك منه
ثمداو الخناق بالتنفيس
هو في مخلب الزمان فريس
فارحم الآن نفس هذا الفريس
واسقه من سلاف جودك بذلا
فاق طيبا سلافة الخنديس
وقد يرتفع استجداء الصولي لكي يصل إلى درجة التصريح فيقول:
لا والذي أنت منه نعمة ملأت
عرض البلاد وحلت حبوة النوب
ما في عبيدك إن فتشت أمرهم
أقل مني في رزق وفي نشبي
هذه هي مدائح الصولي – للخلفاء والأمراء والوزراء – بكل عناصرها وخصائصها، وهي تشتمل على عناصر بعضها جديد من عنده، وبعضها موروث، ولكنه في العناصر الموروثة استعاد صورا جديدة، فظهرت في أزهى حلة وأبهى زينة..