وفي ثنايا مدح الصولي للخلفاء، مدح أيضا قوادهم وأمراء أمرائهم، ووصفهم بالجرأة والشجاعة، والبأس والإقدام ورباطة الجأش، وأضاف إلى ذلك كله مديحا لهم بأنهم مخمدو الفتن، وقبلة الحرب، وسيوف الخلافة إلى غير ذلك من الصفات التي يجب أن تتوفر في رجال الحرب..كما مدح معاونيهم وكتابهم الذين يدبرون أمورهم.
ويمكن القول – إن المديحة الصولية كانت مديحة رسمية أو شبه رسمية، كانت مقيدة بظروف تختلف عما عند الشعراء الآخرين الذين يتكسبون من عرض بضاعتهم على الخليفة، فينالون بره وعطاءه ثم يرحلون.. لكن مدائح الصولي كانت أشبه بوثائق تاريخية، وتعاليم دينية، يسجل فيها كل ما يتصل بالخليفة وعلاقته بالمسلمين من حيث وجوب الطاعة له، والإيمان به، ورفعه فوق مصاف العباد، وأيضا ما يتصل بالدولة من أحوال وسياسة وحروب وأحداث.
وقد دفع الصولي إلى نظم مثل تلك المدائح.. وبكل هذه العناصر اتصاله ببلاط الخلافة وبالوزراء والأمراء.
وتبرز عواطف الصولي الدينية بروزا واضحا في مدائحه للخليفة، بل غنه ليمكن القول.. إنه خير من مثل به في هذه العواطف الدينية تمثيلا حقيقيا صادقا، فهذه العواطف لم توجد بنفس العمق، والمعاني عند نظرائه ومعاصريه، ذلك لأنه لم يكن شاعرا محترفا يبغي أجرا، بقدر ما كان يريد إظهار ولائه وحبه للخلفاء.
ونستطيع أن نقول – إن مدائح الصولي الدينية بعمقها ومضمونها – كانت إرهاصا بظهور هذه المدائح الدينية بصورتها الضخمة بعئذ عند شعراء الدولة الفطمية..
كذلك فإن شكواه من الزمن ومن الوشاة والحاقدين، كانت ينبوعا استقى منه كل الشعراء الذين أتوا بعده خاصة "المتنبي"– الذي أخذ من معاني الصولي الكثير. خصوصا ما يتصل بشكوى الزمن، والحديث من شعره..