واشتراط النصاب في مال الزكاة مجمع عليه بين العلماء في غير الزروع والثمار والمعادن، ويرى أبو حنيفة أن قليل ما أخرجت الأرض وكثيره العشر، وكذلك روي عن ابن عباس وعمر بن العزيز وغيرهما. أن في عشر حزم من البقل تخرجها الأرض حزمة منها صدقة واجبة.
ولكن جمهور العلماء يرون النصاب شرطاً لابد منه لوجوب الزكاة في كل مال يستوي في ذلك الخارج من الأرض وغيره من المال، وحجتهم في ذلك حديث:"ليس فيما دون خمسة أو سق صدقة"وهو ما يقتضيه القياس على الأموال الأخرى، من الأنعام والنقود وعروض التجارة.
والحكمة في اشتراط النصاب واضحة بينة، وهي أن الزكاة إنما هي ضريبة تؤخذ من الغني مواساة للفقير، ومشاركة في مصلحة الإسلام والمسلمين، فلابد أن تؤخذ من مال يحتمل المواساة، ولا معنى لأن نأخذ من الفقير ضريبة، وهو في حاجة إلى أن يعان، لا أن يعين، ومن ثم قال صلى الله عليه وسلم:"لا صدقة إلا عن ظهر غني".
ومن هنا اتجه التشريع الضريبي الحديث إلى إعفاء ذوي الدخل المحدود من فرض الضرائب عليهم، رفقاً بهم، ومراعاة لحالهم، وعدم مقدرتهم على الدفع، هو ما سبقت به شريعة الله منذ أربعة عشر قرناً من الزمان.
(دستور الأخلاق في القرآن) _ للمرحوم الدكتور عبد الله دراز
مسئوليتنا نحو أطفالنا
بالرغم من أن سلوك الأطفال منظم في الشريعة الإسلامية، حتى في أدق تفاصيله، فإن الشرع غير متوجه إليهم، بل إلى آبائهم، وإلى الحكام، والأساتذة، والرؤساء، أي إلى الأمة بأكملها، فهي التي على كاهلها تقع مهمة تربيتهم، وتقويمهم، حتى تظفر منهم بأقصى درجات التوافق مع القاعدة.