للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم يصل إلى مكة ويسأل عن محمد فيدله الناس عليه فيضرع إليه في إشفاق أن يرد عليه ابنه ويأخذ ما شاء من فداء. ولكن محمدا صلى الله عليه وسلم يرى سحابة من الحزن الطويل على سمات حارثة وأخيه فيرق له رقة الوالد ويطمئنه على أنه لن يطلب منه مالا ولكنه سيخير زيدا بين المقام والظعن فإن اختاركما فذاك، وإن اختارني فو الله ما أنا بالذي أختار على من اختارني أحدا. فيزيد الرسول صلى الله عليه وسلم بذلك على النَّصَف كما قال حارثة وأخوه.

ويأتي زيد ويسمع خيار رسول الله صلى الله عليه وسلم له، ولشد ما يقع في نفس الوالد وأخيه حينما يسمعان من زيد أنه اختار البقاء على الرحيل ويقولان له أتختار العبودية على أبيك وأمك وبلدك وقومك ولكن الرسول صلى الله عليه وسلم يقطع عليهم الحديث العاتب بمكافأة زيد بالإنعام عليه بالحرية والبنوة على عادة قومه إذَّاك.

وتهدأ نفس الوالد ويزداد الابن تعلقا بأبيه الجديد. ويشيع في الناس أن محمدا قد تبنى زيدا ويناديه القوم بالبنوة لمحمد.

وكان يقيم في بيت الرسول صلى الله عليه وسلم حاضنته أم أيمن التي شهدت مولده وهي على سمرتها الحبشية قد أبيض قلبها البياض كله في إخلاص الحب للرسول صلى الله عليه وسلم فكانت له أما بعد أمة تحنو عليه حنين الغريب على الغريب فقد اجتمعت لها وله غربة الدار وغربة اليتم.

ويدرج الرسول في مدارج الطفولة وقد حرمه القدر من رحمة الأبوة وحنان الأمومة. فتعوضه أم أيمن ما استطاعت بحنانها وحبها ويخلص لها الرسول صلى الله عليه وسلم الحب ويناديها يا أمي، ثم يزوجها من متبناه زيد فيجمع بهذا الزواج بين قلبين قد أخلصا له الحب ومحضا له الوفاء.