للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وتنجب أم أيمن أسامة وقد ندبه عرق لأمه ففيه سمرتها وفيه شبهها ويشب الوليد بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم فيسبغ عليه حبا غامرا يزيد على حب والديه ويحمله بين يديه ويداعبه مداعبة الأبوة الرحيمة على الطفولة المرموقة ويرضى فيه رغبة الأبوة بعد أن فقد أبناءه أطفالا ويعثر أسامة يوما بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ويسيل دمه فيمسحه الرسول ويضمد جراحه ثم يكفكف دمعه ولا يزال يمازحه حتى ينسيه ألمه.. ثم لا يزال أسامة في رعاية الرسول ورعاية والديه حتى يهاجر الرسول صلى الله عليه وسلم ويهاجروا معه إلى أن يؤمر أباه على جيش ذاهب إلى تخوم الشام ليدفع بوادر الشر التي ظهرت من ولاة الرومان. ويستشهد زيد في مؤته ويرجع الجيش ولا يرجع زيد. وينظر الرسول صلى الله عليه وسلم إلى أسامة وقد أصابه اليتم فيزداد عليه حدبا وله محبة.

ويعرف أسامة وقد أصبح أهلا للمعرفة أن أباه قد قتله الرومان في البلاد النائية. ويغدو أسامة ويروح لا يسمع لأبيه صوتا ولا يرى له شخصا وتتوق نفسه إلى أن يذهب إلى تخوم الشام لعله يلتقي بمن قتلوا أباه ولعله إن التقى بهم وأظهره الله عليهم يقتص لأبيه القصاص العادل وينتصف للإسلام انتصاف المظلوم ولعله أظهر هذه الرغبة للرسول صلى الله عليه وسلم ولكن الرسول يشفق عليه لحداثة سنه فلم يكن قد أتم العقد الثاني من عمره.. ولعل أسامة استمر ينشد بغيته.

ويرى الرسول صلى الله عليه وسلم من أمره الجد ويعلم أنه أصبح أهلا للإمارة كما أن أباه كان أهلا لها وينادي الرسول صلى الله عليه وسلم عام وفاته بتأهب المهاجرين والأنصار للحرب. وقد استمر بغي الرومان على رسل المسلمين ولم يكف شرهم جيش زيد ولا جيش الرسول من بعده. ولو تركوا لساورتهم أنفسهم بغزو المسلمين في المدينة.