قالت عائشة:"استفتى الناس رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ذلك فأنزل الله {وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ} إلى {وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ} . فأنزل الله لهم في هذه الآية أن اليتيمة إذا كانت ذات مال وجمال رغبوا في نكاحها ونسبها والصداق وإذا كان مرغوبا عنها في قلة المال والجمال تركوها وأخذوا غيرها من النساء. قالت: "فكما يتركونها حين يرغبون عنها فليس لهم أن ينكحوها إذا رغبوا فيها إلا أن يقسطوا لها ويعطوها حقها الأوفى من الصداق".
في ضوء هذا الأثر نستطيع أن نفهم الآية وندرك وجه الربط بين الشرط والجزاء فالمولى يقول لهؤلاء الأوصياء الذين يطمعون في أموال اليتامى ويرغبون في إحرازها عن طريق الزواج ولا يتحرون العدل معهن في الصداق ولا يأمنون على أنفسهم من أن يجوروا عليهن يقول لهم: ما يضطركم إلى هذا الطريق الوعر الذي يجر عليكم المآثم فقد أفسحت لكم المجال وأبحث لكم أن تتزوجوا باثنتين أو ثلاث أو أربع ممن تستطيعوهن وتميل نفوسكم إليهن.
وواضح أن الآية بهذا المعنى نص في التعدد ودليل على أن الله أباح لنا أن نتزوج من النساء إلى أربع بشرط أن نتيقن العدل معهن ولا نظلم واحدة منهن فإن خفنا عدم العدل وتوقعنا الشطط فلا يباح سوى واحدة ويكون الاقتران بأخرى عند ذلك ممنوعا والعدل الذي يشترطه الإسلام هو الداخل في نطاق الوسع من النفقة والمبيت ولا يمكن أن يراد به ما يشمل ميل القلب فهذا أمر خارج عن الطاقة وقد رفعه الله عن العباد {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلا وُسْعَهَا}{وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ}{يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} .