هذا هو ما فهمه المسلمون منذ الصدر الأول إلى يومنا، وليس فهما جديدا مبتكرا. والقول بتحريم التعدد على إطلاقه قول في دين الله بغير علم، وفهم حديث لا سند له من كتاب ولا سنة، وترديد لأقوال المتفرنجين الذين يبغون لي عنق الإسلام ليتمشى مع مذاهبهم ومسالكهم.
ولن يكون الناس في آخر الزمان أصح إدراكا، وأنفذ بصيرة، وأصدق فهما لنصوص الشريعة ومراميها من أولئك الذين حملوها إلينا، وفضلهم المولى علينا.. نعم. إنه لا يتصور أن يكون الذين فهموا إباحة التعدد وجروا عليه من أيام الرسول صلى الله عليه وسلم إلى أيامنا هذه قد أخطئوا الفهم، وحادوا عن الصواب، وظل خطؤهم عالقاً بأذهان المسلمين إلى أن جاء في عصرنا الذي اتسم بالتحلل نفر من المتفقهين أصلحوا لهم خطأهم، وأوضحوا لهم وجه الصواب في دينهم، وكيف يستساغ هذا وفيه إساءة بالغة إلى أسلافنا الأوائل الذين تلقوا الإسلام وفهموه من المعلم الأول سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.
قد يقول بعض المغرمين بإثارة الشبهات: إن المولى يقول {فَإِنْ خِفْتُمْ أَلا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً} وفي آية أخرى يقرر أن العدل غير مستطاع فيقول سبحانه {وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ} فمجموع الآيتين يفيد حظر التعدد ويمنع إباحته.
ونقول لهؤلاء: إنكم تغافلتم عن قول الله عقب ذلك {فَلا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ} فأشبهتم من يقرأ {لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ} ويدع قوله بعدها {وَأَنْتُمْ سُكَارَى} .