للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الوجه الثاني: أنّ الكلام على حذف همزة الاستفهام أي: أهذا ربي؟ وقد تقرر في علم النحو أن حذف همزة الاستفهام إذا دلّ المقام عليها جائز, وهو قياسي عند الأخفش مع (أم) ودونها, ذُكِر الجواب أم لا, فمن أمثلته دون (أم) ودون ذكر الجواب قول الكميت:

طربت وما شوقا إلى البيض أطرب

ولا لعبا مني وذو شيب يلعب

يعني أو ذو الشيب يلعب؟ , وقول أبي خراش الهذلي واسمه بن خويلد

رفوني وقالوا يا خويلد لم ترع

فقلت وأنكرت الوجوه هم هم

بعني أهم هم كما هو الصحيح, وجزم به الألوسي في تفسيره, وذكره ابن جرير عن جماعة, ويدل له قوله: "وأنكرت الوجوه", ومن أمثلته دون (أم) مع ذكر الجواب قول عمر بن أبي ربيعة المخزومي:

ثم قالوا تحبها قلت بهرا

عدد النجم والحصى والتراب

يعني: أتحبُّها على القول الصحيح, وهو مع (أم) كثير جداً, ومن أمثلته قول الأسود بن يعفر التميمي وأنشده سيبويه لذلك:

لعمرك ما أدري وإن كنت داريا

شعيث بن سهم أو شعيث بن منقر

يعني أشعيث بن سهم؟ وقول بن أبي ربيعة المخزومي:

بدا لي منها معصم يوم جمرت

وكف خضيب زينت ببنان

فوالله ما أدري وإني لحاسب

بسبع رميت الجمر أم بثمان

يعني أبسبع؟ وقول الأخطل:

كذبتك عينك أم رأيت بواسط

غلس الظلام من الرباب خيالا

يعني أكذبتك عينك؟ كما نصّ سيبويه على جواز ذلك في بيت الأخطل, هذا وإن خالف الخليل زاعما أنّ (كذبتك) صيغة خبرية, وأنّ (أم) بمعنى (بل) ففي البيت على قول الخليل نوع من أنواع البديع المعنوي يسمى بالرجوع عند البلاغيين، وقول الخنساء:

قذى بعينيك أم بالعين عوار

أم خلت إذا أقفرت من أهلها الدار

تعني أقذى بعينيك؟ وقول أحيحة بن الجلاح الأنصاري:

وما تدري وإن ذمرت سقبا

لغيرك أم يكون لك الفصيل

يعني ألغيرك؟ وقول أمرئ القيس:

تروح من الحي أم تبتكر