وعلى هذا القول فقرينة الاستفهام المحذوف علو مقام إبراهيم عن ظن ربوبية غير الله, وشهادة القرآن له بالبراءة من ذلك, والآية على هذا القول تشبه قراءة بن محيصن:(سواء عليهم أنذرتهم) , ونظيرها على هذا القول قوله تعالى:{أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ} , وقوله تعالى:{وَتِلْكَ نِعْمَةٌ تَمُنُّهَا} على أحد القولين, وقوله:{فَلا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ} على أحد القولين.
وما ذكره بعض العلماء غير هذين الوجهين فهو راجع إليهما كالقول بإضمار القول أي يقول الكفار: هذا ربي, فإنه راجع إلى الوجه الأول, وما ذكره عن ابن إسحاق واختاره ابن جرير الطبري ونقله عن ابن عباس من أنّ إبراهيم كان ناظراً يظنُّ ربوبية الكوكب فهو ظاهر الضعف؛ لأن نصوص القرآن ترده كقوله:{وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفاً مُسْلِماً وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} , وقوله تعالى:{ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} , وقوله:{وَلَقَدْ آتَيْنَا إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ مِنْ قَبْلُ} , وقد بيّن المحقق ابن كثير في تفسيره رد ما ذكره بن جرير بهذه النصوص القرآنية وأمثالها, والأحاديث الدالة على مقتضاها كقوله صلى الله عليه وسلم:"كل مولود يولد على الفطرة"الحديث.