للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الثاني: وهو أقربها عندي أن قوله تعالى: {لن تقبل توبتهم} يعني إذا تابوا عند حضور الموت, ويدل لهذا الوجه أمران:

الأول: أنّه تعالى بيّن في مواضع أخرى أنّ الكافر الذي لا تقبل توبته هو الذي يصر على الكفر حتى يحضره الموت في ذلك الوقت كقوله تعالى: {وليست التوبة للذين يعملون السيئات حتى إذا حضر أحدهم الموت قال: إني تبت الآن, ولا الذين يموتون وهم كفار} , فجعل التائب عند حضور الموت والميت على كفره سواء, وقوله تعالى: {فلم يك ينفعهم إيمانهم لما رأوا بأسنا} الآية, وقوله في فرعون: {الآن وقد عصَيْتَ قبلُ وكنت من المفسدين} . فالإطلاق الذي في هذه الآية يقيّد بقيد تأخير التوبة إلى حضور الموت لوجوب حمل المطلق على المقيد كما تقرر في الأصول.

الثاني: أنه تعالى أشار إلى ذلك بقوله: {ثم ازدادوا كفرا} فإنه يدل على عدم توبتهم في وقت نفعها, ونقل ابن جرير هذا الوجه الثاني - الذي هو التقيد بحضور الموت - عن الحسن وقتادة وعطاء الخراساني والسدي.

الثالث: أن المعنى {لن تقبل توبتهم} أي إيمانهم الأول لبطلانه بالردة بعد, وهذا القول خرجه ابن جرير عن ابن جريج, ولا يخفى ضعف هذا القول وبعده عن ظاهر القرآن.