أما القرآن فمن جملة كلام الله غير مخلوق كسائر كلامه، وقد أخبرنا الله في الكتاب العزيز أن القرآن كلامه، حيث يقول:{وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللهِ}[٧] وما من شك أن الكلام الذي سمعه ذلك المشرك المستأمن هو هذا القرآن الذي في المصحف, المحفوظ في الصدور، المكتوب في الألواح، ولذلك نستشهد به قائلين:"قال الله تعالى: كذا وكذا". وكلماته تعالى لا نفاد لها إذ يقول الرب جل من قائل:{قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَاداً لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَداً}[٨] .
هذا هو اعتقاد أهل السنة في كلام الله وموقفهم من القرآن الكريم. وهم - كما لا يخفى على المنصف - خير هذه الأمة على الإطلاق بشهادة المصطفى الذي لا ينطق عن الهوى عليه الصلاة والسلام فهو يقول عنهم:"خير الناس قرني ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم", والخيرية تستلزم قطعاً صلاح العقيدة وصحتها ضرورة بحكم أنهم شاقوا صاحب الرسالة محمداً عليه الصلاة والسلام وأخذوا عنه دينهم وعقيدتهم.