للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

٢ – أن الوجود الجسماني الذي هناك مخالف لهذا الوجود، وإنما يتفقان في اسم الوجود الجسماني فقط، مع اختلاف الحقائق مستدلين بقول ابن عباس فيما روي عنه: "ليس في الدنيا مما في الآخرة إلا الأسماء". ويرى أبو الوليد أن هذا الرأي الثاني أليق بالخواص.

٣ – ترى طائفة من الفلاسفة: أن المعاد روحاني فقط، وإنما مثل به لإرادة البيان، والعجيب من أمر ابن رشد أنه يرى أصحاب هذا الرأي لهم حجج كثيرة في الشريعة إلا أنه لم يذكر منها حجة واحدة مع دعوى الكثرة، وابن رشد يختلف مع الإمام الغزالي في هذه المسألة، إذ يرى الغزالي وجوب القول بمعاد الأجسام ويحكم بالكفر على من أنكر ذلك وقال بمعاد الأرواح فقط، وقد كفر الغزالي بعض الفلاسفة بهذا القول, كالكندي والفارابي وابن سينا إضافة إلى قولهم بأن الله يعلم الكليات فقط دون الجزئيات، وقولهم بقدم العالم وأزليته.

هكذا يتبين أن ابن رشد متساهل، بل متناقض في هذا الباب على خطورته بل ولم يقف عند التساهل والتناقض، بل إنه يذهب بعيداً إذ يعد هذه المسألة مسألة اجتهادية إذ يقول:

"والحق في هذه المسألة أن فرض كل إنسان فيها هو ما أدى إليه نظره فيها، بعد ألا يكون نظراً يفضي إلى إبطال الأصل جملة، وهو إنكار الوجود جملة، فإن هذا النحو من الاعتقاد يوجب تكفير صاحبه لكون العلم بوجود هذه الحال للإنسان معلوماً للناس بالشرائع والعقول".

خلاصة رأي ابن رشد في هذه المسألة أن الواجب هو الإيمان بالبعث بعد الموت, وأن هناك معاداً، وأما كون المعاد يكون للأرواح أو للأجسام فليس بمهم عند ابن رشد بل لكل إنسان أن يعتقد ما أدى إليه نظره واجتهاده.