والحق أن هذه المسألة من المسائل التي لم يوفق فيها ابن رشد بل أخطأ في دعوى أن المقام مقام اجتهاد بل الصواب أن المقام مقام نص، ولا اجتهاد مع النص طبعاً، فنصوص الكتاب والسنة تصرخ دون خفاء وبأعلى صوت: بأن المعاد للأجسام والأرواح معاً، فلنستمع إلى الآيات التالية وهي تستنكر على الإنسان حين ينسى أو يتناسى بأن الله خلقه من نطفة ويستصعب متسائلاً من يحيي العظام وهي رميم!!؟
وإذا انتقلنا إلى السنة نجدها تصرح بالمعاد الجسماني بما لا يترك مجالاً للشك أو الجدل, من ذلك قوله عليه الصلاة والسلام:"تبعث أمتي يوم القيامة غراً محجلين", وقوله:"يبعث الناس يوم القيامة حفاة عراة غرلاً بهماً".
دلالة الحديث الأول على البعث الجسماني واضحة جداً، لأن الوصف بالغرة والتحجيل إنما هو وصف للجسم والروح تابعة طبعاً!.
وأما الحديث الثاني فلا تقل دلالته على المراد من الحديث الأول؛ لأن الأوصاف الأربعة كلها أوصاف لا تليق إلا بالجسم كما لا يخفى, والروح تدخل تبعاً, والله ولي التوفيق.