أما كسب الأشعري فقد تحدثنا عنه، وملخصه: أن العبد ليس هو الفاعل حقيقة ولكن عند إرادته للفعل يخلق الله الفعل. نقدر أن نقول: إنها جبرية متطورة أو متسترة.
أما أحوال أبي هاشم: المراد بها الصفات المعنوية التي انفرد بإثباتها أبو هاشم دون سائر المعتزلة من نفيه لصفات المعاني، أي أنه ينفي العلم والقدرة والإرادة إلى آخر الصفات ثم يثبت كونه عالماً وقادراً ومريداً، وهذه (الكوكنة) هي الأحوال [١٥] .
وأما طفرة النظام: فهي (انزلاقة) انفرد بها النظام المعتزلي دون سائر المعتزلة وهي القول بأن الله خلق هذه الموجودات دفعة واحدة على ما هي عليه الآن، من نبات وحيوان وجبال وبحار، ولم يتقدم خلق آدم على ذريته غير أن الله (أكمن) بعضها في بعض, فالتقدم والتأخر إنما يقع في ظهور هذه الموجودات في أماكنها دون حدوثها ووجودها.
وقد زعم النظام ما زعم متأثراً بأصحاب الكمون والظهور، من الفلاسفة وهي طفرة لم يسبقه إليها أحد قبله.
خلاصة رأي ابن رشد
يقول ابن رشد - وهو يلخص بحثه الطويل في مسألة القضاء والقدر -: "ولما كان ترتيب الأسباب ونظامها هو الذي يقتضي وجود الشيء في وقت ما، في ذلك الوقت، وجب أن يكون العلم بأسباب شيء ما هو العلم بوجود ذلك الشيء أو عدمه في وقت ما, والعلم بالأسباب على الإطلاق هو العلم بما يوجد منها، أو ما يعدم في وقت من أوقات جميع الزمان, فسبحان الذي أحاط اختراعاً وعلماً بجميع أسباب الموجودات وهذه هي مفاتح الغيب في قوله تعالى:{وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُهَا إِلاّ هُو} ـ الآية. (الأنعام: ٥٩) .