وما استدل به بعضهم من قتل ابن مسعود لابن النواحة صاحب مسيلمة, فيجاب عنه: بأنه قتله لقول النبي صلى الله عليه وسلم - حين جاءه رسولا لمسيلمة -: "لولا أن الرسل لا تقتل لقتلتك", فقتله ابن مسعود تحقيقا لقوله صلى الله عليه وسلم, فقد روي أنه قتله لذلك, فإن قيل: إن هذه الآية الدالة على عدم قبول توبتهم أخص من غيرها؛ لأن فيها القيد بالردة وازدياد الكفر, فالذي تكررت منه الردة أخص من مطلق المرتد, والدليل على الأعم ليس دليلا على الأخص؛ لأن وجود الأعم لا يلزم وجود الأخص, فالجواب: أن القرآن دل على توبة من تكرر منه الكفر إذا أخلص في الإنابة إلى الله، ووجه الدلالة على ذلك قوله تعالى:{إن الذين آمنوا ثم كفروا ثم ازدادوا كفرا لم يكن الله ليغفر لهم ولا ليهديهم سبيلا} , ثم بيّن أن المنافقين داخلون فيهم بقوله تعالى:{بشِّر المنافقين بأنّ لهم عذابا أليما} الآية, ودلالة الاقتران وإن ضعفها بعض الأصوليين فقد صححتها جماعة من المحققين, ولا سيما إذا اعتضدت بدلالة القرينة عليها كما هنا؛ لأن قوله تعالى:{لم يكنِ الله ليغفرَ لهم ولا ليهديَهم سبيلا, بشّر المنافقين بأن لهم عذابا أليما} فيه الدلالة الواضحة على دخولهم في المراد بالآية, بل كونها في خصوصهم قال به جماعة من العلماء.