للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإذا حققت ذلك فاعلم أن الله تعالى نصّ على أن من أخلص التوبة من المنافقين تاب الله عليه بقوله: {إنّ المنافقين في الدرك الأسفل من النار ولن تجد لهم نصيرا, إلا الذين تابوا وأصلحوا واعتصموا بالله وأخلصوا دينهم لله فأولئك مع المؤمنين وسوف يؤتي الله المؤمنين أجرا عظيما, ما يفعل الله بعذابكم إن شكرتم وآمنتم, وكان الله شاكراً عليما} , وقد كان مخشي بن حمير رضي الله عنه من المنافقين الذين أنزل الله فيهم قوله تعالى: {ولئن سألتهم ليقولن إنما كنا نخوض ونلعب قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزئون لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم} فتاب إلى الله بإخلاص، فتاب الله عليه، وأنزل الله فيه: {إن نعف عن طائفة منكم نعذب طائفة} الآية، فتحصّل أن القائلين بعدم قبول توبة من تكررت منه الردة يعنون الأحكام الدنيوية ولا يخالفون في أنه أخلص التوبة إلى الله قبلها منه؛ لان اختلافهم في تحقيق المناط كما تقدم، والعلم عند الله تعالى.

قوله تعالى {يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته} الآية هذه الآية تدل على التشديد البالغ في تقوى الله تعالى, وقد جاءت آية أخرى تدل على خلاف ذلك وهي قوله تعالى: {فاتقوا الله ما استطعتم} , والجواب بأمرين:

الأول: أن آية {فاتقوا الله ما استطعتم} ناسخة لقوله: {اتقوا الله حق تقاته} , وذهب إلى هذا القول سعيد بن جبير وأبو العالية والربيع بن أنس وقتادة ومقاتل بن حيان وزيد بن أسلم والسدي وغيرهم, قاله بن كثير.

الثاني: أنها مبيِّنةٌ للمقصود بها. والعلم عند الله تعالى.