قوله تعالى:{ولقد نصركم الله ببدرٍ وأنتم أذلة} وصف الله المؤمنين في هذه الآية بكونهم أذلة حال نصره لهم ببدر, وقد جاء في آية أخرى وصفه تعالى لهم بأن لهم العزة, وهي قوله تعالى:{ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين} , ولا يخفى ما بين العزة والذلة من التنافي والتضاد. والجواب ظاهر وهو أنّ معنى وصفهم بالذلة هو قلة عَددهم وعُددهم يوم بدر, وقوله تعالى:{ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين} نزل في غزوة المريسيع, وهي غزوة بني المصطلق, وذلك بعد أن قويت شوكة المسلمين, وكثر عَددهم, مع أن العزة والذلة يمكن الجمع بينهما باعتبار آخر وهو أن الذلة باعتبار حال المسلمين من قلة العَدد والعُدد, والعزة باعتبار نصر الله وتأييده, كما يشير إلى هذا قوله تعالى:{واذكروا إذ أنتم قليل مستضعفون في الأرض تخافون أن يتخطفكم الناس فآواكم وأيّدكم بنصره ورزقكم من الطيبات} , وقوله:{ولقد نصركم الله ببدر وأنتم أذلة} , فإنّ زمن الحال هو زمن عاملها, فزمان النصر هو زمان كونهم أذلة, فظهر أنّ وصف الذلة باعتبار, ووصف العزة والنصر باعتبار آخر, فانفكت الجهة, والعلم عند الله.
قوله تعالى:{إذ تقول للمؤمنين ألن يكفيَكم أن يُمدَّكُم ربكم بثلاثة آلاف من الملائكة} الآية , هذه الآية تدل على أنّ المدد يوم بدر من الملائكة من ثلاثة آلاف إلى خمسة آلاف, وقد ذكر تعالى في سورة الأنفال أنّ هذا المدد ألف بقوله:{إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم أنِّي ممدكم بألف من الملائكة} الآية.
والجواب عن هذا من وجهين:
الأول: أنه وعدهم بألف ثم صارت ثلاثة آلاف ثم صارت خمسة كما في هذه الآية.