للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الثاني: أن آية الأنفال لم تقتصر على الألف, بل أشارت إلى الزيادة المذكورة في آل عمران, ولا سيما في قراءة نافع: {بألف من الملائكة مردَفين} بفتح الدال على صيغة اسم المفعول, لأن معنى (مردفين) : متبوعين بغيرهم, وهذا هو الحق, وأما على قول من قال: "إن المدد المذكور في آل عمران في يوم أحد, والمذكور في الأنفال في يوم بدر"فلا إشكال على قوله, إلا أن غزوة أحد لم يأت فيها مدد الملائكة. والجواب: أن إتيان المدد فيها على القول به مشروط بالصبر والتقوى في قوله: {بلى إن تصبروا وتتقوا ويأتوكم من فورهم هذا يمددكم ربكم} الآية, ولمّا لم يصبروا ولم يتقوا لم يأت المدد, وهذا قول مجاهد وعكرمة والضحاك والزهري وموسى بن عقبة وغيرهم, قاله بن كثير.

قوله تعالى: {فأثابكم غمّاً بغمّ لكيلا تحزنوا على ما فاتكم ولا ما أصابكم} الآية قوله تعالى: {فأثابكم غمّاً بغمّ} أي غمّا على غمّ, أي حزنا على حزن, أو أثابكم غما بسبب غمكم لرسول الله صلى الله عليه وسلم بعصيان أمره, والمناسب لهذا الغم بحسب ما يسبق إلى الذهن أن يقول: لكي تحزنوا, أما قوله: {لكيلا تحزنوا} فهو مشكل؛ لأن الغم سبب للحزن لا لعدمه.

والجواب عن هذا من أوجه:

الأول: أنّ قوله: {لكيلا تحزنوا} متعلق بقوله تعالى: {ولقد عفا عنكم} فالمعنى: أنّ الله تعالى عفا عنكم لتكون حلاوة عفوه تزيل عنكم ما نالكم من غم القتل, والجرح.,وفوت الغنيمة, والظفر, والجزع من إشاعة أن النبي صلى الله عليه وسلم قتله المشركون.

الوجه الثاني: أن معنى الآية: أنه تعالى غمّكم هذا الغم لكي تتمرنوا على نوائب الدهر, فلا يحصل لكم الحزن في المستقبل؛ لأن من اعتاد الحوادث لا تؤثّر عليه.

الوجه الثالث: أنّ (لا) صلة, وسيأتي الكلام على زيادتها بشواهده العربية إن شاء الله تعالى في الجمع بين قوله تعالى: {لا أقسم بهذا البلد} , وقوله: {وهذا البلد الأمين} .