إنه موكب رهيب وساعات حاسمة، المسلمون يدخلون من أسفل مكة وأعلاها ومن ذي طوى، والأوامر لدى القادة بإزالة العوائق ومحاربة من يقاتلون، ولم يقتل من المسلمين إلا رجلين شذا عن جيش خالد، أما المشركون فقد قتل منهم ثلاثة عشر رجلاً [١٢] .
ودخل الرسول صلى الله عليه وسلم شاكراً خاضعاً لله رحيماً شفوقاً بقريش أعطى الأمان للجميع إلا رجالاً ارتبطت أسماؤهم بقضايا معينة ومواقف تستدعي المساءلة والجزاء من أمثال عبد العزى بن خطل الذي ارتد وقتل من بعثه الرسول صلى الله عليه وسلم معه لجمع الصدقات، ثم لحق بالمشركين، وقد وجد متعلقاً بأستار الكعبة فقتل جزاء ارتداده وقتله لصاحبه وخيانته الأمانة، وكذلك قتل الحويرث بن نقيذ بيد علي بن أبي طالب لكثرة ما كان يؤذي الرسول صلى الله عليه وسلم بمكة، كما قتل مقيس بن صبابة بيد غميمة بن عبد الله لقتله رجلاً من الأنصار قتل أخاه عن طريق الخطأ, وهناك من أمّنهم الرسول صلى الله عليه وسلم كإحدى جاريتي ابن خطل الهاجيتين لرسول الله صلى الله عليه وسلم وسارة مولاة بني المطلب ورجلين احتميا بأم هاني بنت أبي طالب قيل إنهما الحارث بن هشام وزهير بن أمية وكذلك عبد الله بن سعد بن أبي السرح وعكرمة بن أبي جعل وكلهم أسلموا وحسن إسلامهم وفيهم من تولى أمر المسلمين [١٣] .
وتسلم القائد المنتصر مفتاح الكعبة من عثمان بن طلحة فدخل الكعبة وصلى داخلها ومعه عثمان وبلال وأسامة بن زيد ثم كرّم الرسول صلى الله عليه وسلم عثمان إذ ترك له حجابة البيت، وتوارثه أبناؤه وارتفع صوت بلال بنداء الحق، وحطمت الأصنام في مكة وحول الكعبة والرسول صلى الله عليه وسلم يقول:"جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا"[١٤] .