للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كتبت هذه الملاحظات في أعقاب سماعي للحديث من إذاعة الكويت، وكان في نيتي أن أبعث بها إليه في رسالة خاصة، ثم شاء الله أن ترقد مكانها حتى أيقظها عمل الدكتور الفاضل وهو يحشد أغاليطه العجيبة في تفسيره لسورة الجن، فكان من حقه على كل مؤمن يعي كلام الله أن يتصدى له بما يجب من التنكير الذي أمر به الله. وهكذا يأتي تعقيبنا السابق لتفسيره ذاك تصحيحاً كافياً لتلك الأغاليط, وشاملاً في الوقت نفسه لمضمون الملاحظة الأولى حول جنسية إبليس، إذ كان إصراره على ملائكته في حديثه تكراراً مقصوداً لما قرره من ذلك في تفسيره, وعلى هذا فلا حاجة للكلام في هذه النقطة لأنه لن يعدو أن يكون إعادة لما أثبتناه في تعقيبنا على ذلك التفسير.

وإذن فالتعقيب الآن حول الملاحظتين الأخريين وما يتجاوزهما من أشياء عثرنا عليها في بعض مقرراته الأخرى.

ونقف هنا على تفسيره العجيب لصفة (الغابرين) بأنها من (الرجعية) ولنسأل الدكتور الفاضل عن مستنده في هذا القول، الذي لم يفطن له أحد من أئمة التفسير ولا من مدوني المعاجم، ولم يسبق أن تكلم به لسان قبل البدعة القومية والاشتراكية التي تريد بقوة الإرهاب والأعلام أن تفرض مصطلحاتها على كل شيء حتى المعاني الإسلامية.

لقد وردت هذه الكلمة (الغابرين) سبع مرات في الكتاب الحكيم، وكلها في قصة لوط عليه السلام وامرأته، وكان ثمة إجماع بين المفسرين على أن المراد بها أنها مع (الباقين) الذي قدر لهم العذاب فلم تنج مع آل لوط.

وفي لسان العرب عن (الغابر) أنه الباقي وأنه الماضي، وقد ذيل الشهيد سيد قطب هذه الكلمة في الظلال بقوله: "أي أنها مع القوم – الكافرين - تلقى مصيرهم، وأصله من الغبرة وهي بقية اللبن في الضرع".