للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأما قوله تعالى: {هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ} فإن هذا الجزء من القول أو التركيب هو حال من القرآن أي أنزله تعالى حال كونه هدىً للناس عامة، فكل إنسان يؤمن به ويقدمه بين يديه, نور هداية اهتدى به فأرشده إلى ما يكمل آدميته ويسعده في الدنيا ويؤهله لسعادة الدار الآخرة وبينات من الهدى والفرقان، حيث حوى من التشريع العاصم من الضلال والمنجي من الردى والهلاك، والموضح لسبل السعادة وطرق الكمال ما لا يوجد في غيره مما سبقه من كتب الله تعالى التي أنزلها على رسله عليهم السلام.

قوله تعالى: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} .

في هذا التركيب الكريم يأمر الله تعالى المؤمنين الذي أعلمهم بأنه كتب عليهم صيام شهر رمضان المعظم يأمرهم بأن كل من حضر دخول شهر رمضان؛ عليه أن يصومه أمراً لازماً وقضاءً محتوماً، اللهم إلا من كان مريضاً أو على سفر، فإنّ له أن يفطر دفعاً للمشقة التي قد تلحقه بالصيام، وإذا هو أفطر فإنّ عليه قضاء أيام أخر بعدد الأيام التي أفطرها من رمضان لمرضه أو سفره.

وقوله تعالى: {يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْر} .

إن هذا الجزء من التركيب في الآية قد سيق لغرض التعليل لرخصة الإفطار في رمضان بسبب المرض أو السفر، كما فيه بشرى تثلج لها صدور المؤمنين وتقرّ بها أعين المسلمين، إذ أخبرهم ربهم أن شأنه سبحانه وتعالى معهم دائماً إرادة اليسر بهم، ونفى العسر عنهم في كل ما يشرع لهم, ويدعوهم إليه ويهديهم إلى فعله والقيام به من سائر العبادات والقرب والطاعات.

وقوله تعالى: {وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} ..

تضمن هذا الجزء الأخير من الآية ثلاث تعليلات: