والقوم يتجاهلون حقائق وحقوقاً بغياً وعدواً، ويصور لهم ضلالهم، ووهمهم وباطل فهمهم أن الوجود كلّه لهم، وليس لسواهم حق في شيء، فيفضح الله دخيلتهم، ويهتك أستارهم, ويقلل أسرارهم، ويقيض للبشرية من يتابع ذلك من رجال السياسة وزعماء الإصلاح في عصر بعد عصر ليكون الناس من هؤلاء القوم أيقاظاً حذرين من شرور ومكايد تختفي وتبين بحسب الظروف والأحوال.
وإذ اكان الحديث عن أهل الكتاب يهود ونصارى، وهم وكل مبطل اليوم كما كانوا في كل يوم مضى على قلب رجل واحد في العداوة للإسلام والكيد للمسلمين, فلا بأس في أن أورد ههنا كلاماً لمارتن لوثر الذي يذكر على رأس الثورة التي يسمونها ثورة الإصلاح المسيحي في القرن السادس عشر الميلادي فهو يقول:"وأين عقول النصارى - إن كانت لهم عقول؟ ".. مما يقول؟!
"هؤلاء هم الكذابون الحقيقيون, مصاصوا الدماء, الذين لم يكتفوا بتحريف الكتاب المقدس وإفساده, من الدنة إلى الدفة، بل إنهم ما فتئوا يفسرون محتوياته حسب أهوائهم وشهواتهم، وما كل هذه الآهات - والتنهدات والحسرات المتصاعدة من أعماق قلوبهم إلا تعبيراً عن انتظار اليوم الذي يستطيعون فيه معاملتنا، كما سبق أن عاملوا الوثنيين وعبَّاد النار خلال العهود الغابرة أيام الملكة استير في بلاد فارس.
"أواه لكم هم مغرمون بقصة استير لانسجامها مع أمزجة المشغوفة بالدماء، ونفسياتهم المغرمة بالانتقام، ومع تعطشهم لجشع الإجرام.. إن التاريخ لم يعرف بعد شعباً مصاصاً للدماء، ولهاً بالانتقام الدموي كالشعب اليهودي.. أقول وهي اليوم ترمي غيرها بدائها وتذرف دموع التماسيح ودماء غيرهم تتقاطر من بين الأصابع متناسية أن للناس عقولاً وأبصاراً وأفئدة"ويتابع مارتن لوثر قائلاً: "الشعب اليهودي الذي يعتبر نفسه الشعب المصطفى المختار، كذريعة يتخذها مبرراً ليبيح لنفسه قتل الآمنين وسحقهم وشنقهم..".