{سَوْءَةَ أَخِيهِ} : أي جسده، وقيل: عورته؛ لأنها تسوء ناظرها، وخصت بالذكر وإن كان المطلوب مواراة جميع الجسد لأن سترها آكد [١٨] .
علاقة الآيات بما قبلها:
بعد أن ذكر - عز اسمه - موقف اليهود من رسول الله صلى الله عليه وسلم وإعراضهم عن دعوته على الرغم من وضوح البراهين الدالة على صدقه، حتى همّ قوم أن يبسطوا أيديهم لقتله، وقتل كبار أصحابه، مصداقاً لقوله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَنْ يَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ فَكَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ} . [١٩] وما ذاك إلا حسداً منهم لرسول الله عليه الصلاة والسلام, على ما آتاه الله من الدين الحق، وذكر كذلك تمردهم على نبيهم موسى عليه السلام, ونكوصهم عن قتال الجبارين, وذكر بعد ذلك قصة ولدي آدم عليه السلام اللذين قتل أحدهما صاحبه، بياناً لكون الحسد الذي صرف هؤلاء عن الإيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم, وحملهم على عداوته عريقاً في الآدميين، فالداء قديم والشر أصيل، وإن كان هؤلاء اليهود قد ورثوا عن أسلافهم من هذا الداء الحظ الأوفر، والنصيب الأكبر مصداقاً لقوله تعالى فيهم:{بِئْسَمَا اشْتَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ أَنْ يَكْفُرُوا بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ بَغْياً أَنْ يُنَزِّلَ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ}[٢٠] . وقوله:{وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّاراً حَسَداً مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ}[٢١] .
قال القرطبي:"وجه اتصال هذه الآية بما قبلها، التنبيه من الله على أن ظلم اليهود ونقضهم المواثيق والعهود كظلم ابن آدم لأخيه"[٢٢] .