للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فهل فهمنا نحن صائمي اليوم، أن الصوم فريضة من القدم منذ وجدت الأمم، {كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُم} (البقرة: ١٨٣) إذاً فهو أزلي الكتابة، غائر الرسوخ لا يخضع للمنسوخ إلى أن تنسخ هذه الدنيا، ومن هنا كان علمنا بعلو قدره عند مشروعه، وعِلْمُنا بعظيم نفعه لخلقه لما جعله ماكثاً في الأرض بطول مكثها، {وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ} (الرعد: ١٧) , ولو لم نعرف كل النفع ولا تفاصيله؛ لأن شرط الإيمان الذي إذا اختل ينحل معه الإيمان كله، هو أن المؤمن يطيع أمر ربه ولا يقول لماذا هذا ولأي شيء تلك، يقينا منه بأن الله لا سميّ له فلا يأمر ولا ينهى إلا لحكمة عليا ثابتة لديه، بدت لنا أو خفيت عنا {وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا} (البقرة:٢٨٥) , ولا يجوز السؤال عما هو الخير الناتج عن السمع والطاعة، بل قد يؤدي هذا السؤال إلى بال {قَدْ سَأَلَهَا قَوْمٌ مِنْ قَبْلِكُمْ ثُمَّ أَصْبَحُوا بِهَا كَافِرِينَ} (المائدة:١٠٢) ، وواضح استثناء السؤال للتعلم والتفقه ليعبد الله على علم، ولكن المنهي عنه هو ما لم يظهره الله وأبقاه في غيبه، إذاً فالصوم لما شرع منذ القدم ويبقى إلى أن تصبح الدنيا في العدم له عند الله حكمة بالغة، بعضها بلغنا ومعظمها أو أعظمها يكشف لنا في فرحة اللقاء "وفرحة عند لقاء ربه", فهل صائمو اليوم فهموا ذلك من آيات الصوم ليصوموا بهذه المعرفة رجاء قبول صومهم؟؟ !!.