وإذا تأمل طالب العلم ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم من لعن المصورين وما ثبت عنه أيضاً من الوعيد الشديد لهم لم يشك في كذب ما جاء في الأخبار الأربعة التي ذكرها الأزرقي في تاريخه وتقدم ذكرها، فإن النبي صلى الله عليه وسلم لا يخالف قوله بفعله، ولا يقر المنكر الذي هو من أظلم الظلم ومن كبائر الإثم
الوجه الثامن: أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر في عدة أحاديث صحيحة أن الملائكة لا تدخل بيتاً فيه صورة. وروى الإمام أحمد والبخاري والنسائي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال:"دخل النبي صلى الله عليه وسلم البيت فوجد فيه صورة إبراهيم وصورة مريم فقال: صلى الله عليه وسلم: "أما لهم فقد سمعوا أن الملائكة لا تدخل بيتاً فيه صورة هذا إبراهيم مصور فما له يستقسم" وهذا الحديث ظاهر في إنكاره صلى الله عليه وسلم لصورة إبراهيم ومريم حين رآهما في الكعبة. وهذا يرد قول من زعم أنه صلى الله عليه وسلم وضع كفيه على صورة مريم وعيس وأمر بإبقائها ومحو ما سواها، وإذا كانت الملائكة لا تدخل البيت الذي فيه صورة فكيف يظن بالنبي صلى الله عليه وسلم أنه يقر صورة مريم وعيسى في بيت الله الذي هو أشرف البيوت وأعظمها حرمة ويأمر بإبقائها ومحو ما سواها. هذا من أسوأ الظن وأبطل الباطل.
الوجه التاسع: ما رواه أبو داود الطيالسي في مسنده بإسناد جيد عن أسامة بن زيد رضي الله عنهما قال: دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم في الكعبة ورأى صوراً, قال: فدعا بدلو من ماء فأتيته به فجعل يمحو ويقول: "قاتل الله قوماً يصورن ما لا يخلقون". وهذا الحديث ظاهر في إنكاره صلى الله عليه وسلم لما رآه من الصور في الكعبة وأنه لم يستثن شيئاً منها. وفي هذا رد على من زعم أنه صلى الله عليه وسلم رضع كفيه على صورة مريم وعيسى وأمر بإبقائها ومحو ما سواها.