فهي قدرة على التفوق العلمي.. وقدرة على مواجهة التحديات الشركية, وقدرة على الصمود أمام الأحداث.. وقدرة على محارة الإلحاد والأحزاب الحمراء.. وقدرة على تحقيق الطمأنينة والأمن والعدل والخير والسلام..
"وإن النظرة القرآنية تجعل هذا الإنسان بخلافته في الأرض عاملاً مهما في نظام الكون.. ملحوظاً في هذا النظام.. فخلافته في الأرض تتعلق بارتباطات شتى مع السموات, ومع الرياح, ومع الأمطار, ومع الشموس والكواكب، وكلها ملحوظ في تصميمها إمكان قيام الحياة على الأرض، وإمكان قيام الإنسان بالخلافة، فأين هذا المكان الملحوظ، ومن ذلك الدور الذليل الذي تخصصه له المذاهب المادية، ولا تسمح له أن يتعداه [١١] .
والإنسان أعز وأكرم وأغلى من كل شيء مادي، ومن كل قيمة مادية في هذه الأرض جميعاً. ولا يجوز إذن أن يستعبد أو يستذل لقاء توفير قيمة مادية، أو شيء مادي. ولا يجوز أن يتعدى على أي مقوم من مقومات إنسانيته الكريمة. ولا أن تهدر أية قيمة من قيمه لقاء تحقيق أي كسب مادي أو إنتاج أي شيء مادي أو تكثير أي عنصر مادي..
فهذه الماديات كلها مصنوعة من أجله, من أجل تحقيق إنسانيته، من أجل تقرير وجوده الإنساني.. فلا يجوز أن يكون ثمنها هو سلب قيمة من قيمه الإنسانية، أو نقص مقوم من مقومات كرامته.. [١٢] .
والإنسان أكرمه الله بالعبادة، وأمره بها ليكون صالحاً مصلحاً، قال تعالى:{قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ, لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ}[١٣] . .
وإذا كانت العبادة غاية الوجود الإنساني, كما هي غاية كل وجود, فإن مفهومها لا يقتصر على المعنى الخاص الذي يرد إلى الذهن، والذي يضيق نطاقها، حتى يجعلها محصورة بأنواع الشعائر الخاصة التي يؤديها المؤمن، إن حقيقة العبادة تبدو في معنيين.. أولهما عام, والأخر خاص..