إن أعداء الإسلام لا يسرهم بحال عمل إصلاحي كهذا يعود بالمسلمين إلى سابق عزهم، وخالد مجدهم، بعد أن يرد إليهم اعتبارهم، في كونهم أمة قائدة، سادت العالم، وقادته إلى الخير والكمال زمناً غير قصير، ولذا فإنهم سوف يشككون في صلاح هذا العمل الحركي الإصلاحي، وفي قيمته الكبيرة، وفي جدواه، فينبغي أن لا يلتفت إليهم حتى ولو حاربوه، فليتذرع بالصبر، والحلم، والشجاعة حتى لا يمكن العدو من إحباطه، إذ لا يسرهم إلا ذاك، وإنهم سوف يتذرعون إليه بكل الوسائل حتى بأخسها فليعرف هذا وليتفطن له، وليحذر منه [٢٣] حتى لا يمكن أعداء الإسلام من إيقاف هذا العمل أو عدم إنجاحه، وليصبر على ذلك إلى أن ينجح هذا العمل الإصلاحي الذي هو المنزع الأخير لأمة الإسلام في هذه الأيام، وإلى أن يظهره الله تعالى وينجحه، ويومها ييأس المطلون المناوئون ويهلكون، أو يتوب الله على من يشاء منهم فينجو بهذه الحركة الإسلامية الإصلاحية ويسعد بها كغيره من سائر العاملين بها الراضين بها.
الخطوة السادسة: إيجاد قيادة عليا لجماعات المسلمين [٢٤]
إن من الضروري لهذا العمل الإسلامي المنظم أن تكون له قيادة عليا، تشرف عليه، وتنظمه وترعاه وتوجهه، وتكون المرجع الأخير لكل جماعات المؤمنين في بلادهم، يتحاكمون إليها، وينهون أمرهم إلى قضائها وحكمها.
فمجرد ما يوجد هذا العمل في إقليمين أو أكثر من بلاد المسلمين، يتعين أن يكون من أمراء جماعات المسلمين في تلك الأقاليم مجلس أعلى لرعاية العلم الإسلامي وتوجيهه، ليتم التعاون بين سائر المسلمين، ولا يتحقق التعاون المثمر إلا بمثل هذه القيادة العليا التي قد تربط بين كل جماعات المسلمين وفصل ما بينهم حتى يشعروا أنهم أمة واحدة، كما أراد الله تعالى لهم أن يكونوا {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً}[٢٥] .