وفي الوقت الذي يتخلى فيه عن الأخلاق القبيحة يتحلى بالأخلاق الحسنة والخصال الحميدة، فيأمر بالمعروف، وينهي عن المنكر، ويبر والديه، ويصل أرحامه، ويصلح بين الناس، ويصدق في حديثه، وينصح في بيعه وشرائه، ويتصدق من ماله ويخلص في أعماله ويرخص نفسه في سبيل ربه، ويحسن إلى جاره، ويرحم الصغير ويوقر الكبير، ويرفق وبالضعيف، ويرشد الحائر، ويؤثر على نفسه ولو كان به خصاصة، ويدعو إلى الحق، ويعين عليه، ويقضى به، ويتفانى فيه، إلى غير ذلك من الأخلاق الكريمة التي دعا إليها الدين ورغب فيها، وأمر الناس أن يأخذوا منها بأوفر نصيب لما لها من انعكاسات مدهشة على النفس والمجتمع، وتجاوب كامل مع فطرة الله التي فطر الناس عليها، روى أن أكثم بن صيفي خطيب العرب المشهور وحكيمهم في الجاهلية قال حين علم ما يدعو إليه محمد صلى الله عليه وسلم - "إن الذي يدعو إليه محمد لو لم يكن ديناً لكان في أخلاق الناس حسناً ".
والواقع أن المشكلة التي يعاني منها مجتمعنا ليست مشكلة سياسية ولا هي اقتصادية، إنما هي مشكلة أخلاقية، فنحن في زمن كثر فيه الشر وحاملوه وقل فيه الخير وفاعلوه، وماتت فيه الضمائر، وخربت الذمم، وتفشت الأنانية مما كان له أثر سيء على المجتمع فضعف وتفكك، وكف بذله، وخف بين الأنام وزنه فإذا ما حلت هذه المشكلة تداعت جميع المشكلات. وفي الحج تروض نفس المسلم في هذا المؤتمر الإسلامي العظيم فإذا هذه الأخلاق قد تأصلت في نفسه، ونزلت منها منزلة الطبع، فيعود إلى بلاده مدرعاً بها داعياً إليها.