إن حاجتنا المنشودة وأمنيتنا المطلوبة هي الإيمان بالله واليوم الآخر، ذلك الإيمان المتوهج في النفوس الذي ينمي في الإنسان الملكات الخيرة المباركة. ينمي لبه.. ضميره. وإرادته.. وخلقه، وتأتي تبعاً لذلك ونتيجة له التنمية المادية. إن الذي أضر بالعالم، وجعله ويعيش في قلق دائم وتوتر مستمر، وساقه إلى شفا هاوية حرب ذرية ثالثه كونه متقدماً مادياً متخلفاً روحياً، من هنا يظهر لك خطأ الذين ينادون بالتنمية المادية في مجتمعاتهم قبل التنمية الروحية، بل إن مناداتهم تلك ألصق بالخطأ من ألصق الخطأ بنفسه. إن مثلهم مثل من وجد غريقاً جائعاً يستغيث فتركه للأمواج تبتلعه، وذهب يبحث له عن طعام يقيم به أوده، ويسد به جوعه، وكانت الحكمة تقتضي أن ينقذه أولا من الغرق ثم يذهب فيبحث له عن طعام, ونحن لا نقلل من أهمية الطعام ولزومه للإنسان، ولكن الذي ننكره هو الكلف به والعكوف عليه وترك ما عداه من طعام الروح وحاجاتها، إن الحكمة تقتضي على الأقل أن تسير التنميتان معاً كفرسي رهان أو كركبتي بعير إن لم تتقدم الثانية على الأولى.
وفي الحج يتدرب المسلم على كمال الطاعة لله ورسوله، لأنه يؤدي بعض الشعائر وهو لا يدري ما وراءها من حكمة، وهذا أدخل في باب الطاعة لله تعالى والإقتداء برسوله صلى الله عليه وسلم، ومما يجب عليه طاعة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم مع الرضا التام والتسليم والمطلق في كل شأن وعلى أية حال، فهي دين يثاب المرء على فعله، ويعاقب على تركه وعلى قدر إيمانه تكون طاعته وتسليمه ورضاه.