وتأتي بعد ذلك طاعة أميرك الذي بايعته على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم فتطيعه في المنشط والمكره والعسر واليسر والغضب والرضا والغنى والفقر قال عليه الصلاة والسلام:"السمع والطاعة على المرء المسلم فيما أحب وكره ما لم يؤمر بمعصية فإذا أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة". فهي إذن طاعة واعية قائمة على طاعة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم وبقدر طاعتك لله ورسوله صلى الله عليه وسلم تكون طاعتك لأميرك قال تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنْكُمْ}[٦] .
الحاج وهو يؤدي مناسكه يلغي من ذهنه هذه الآماد الزمنية التي تفصل بينه وبين رسوله عليه الصلاة والسلام فكأنه يعيش في زمنه وبين أصحابه يطوف بطوافه ويسعى بسعيه ويقف بوقوفه ويرمي برميه وهكذا يستشعر جلال هذا الموكب النبوي الذي تحف به ملائكة الرحمن، وتهتف معه قلوب المسلمين. بهذا الإحساس المبارك تنمو عند المسلم ملكة الإقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم والتمسك بسنته والدفاع عن شريعته والخير كل الخير في الإقتداء بالرسول الأعظم وإحياء سنته والسير على هداه، والشر كل الشر في التخلي عن ذلك ولله در وليد الأعظمى إذ يقول:
مثلى ومنهاجاً سلماً نيرا
ورجعت للتاريخ أنظر سيره
رجلاً يؤثر دون أن يتأثرا
وبلوت أخبار الرجال فلم أجد
وسرت على هداه مكبرا
إلا النبي محمداً فجعلته مثلى
شبراً عليه هوى ولا متأخرا
متمسكاً بهداه لا متقدماً
قلبي ولم أر في الحياة تعسرا
وشعرت أني مطمئن "ساكن"
شر المبادئ ما يباع ويشترى
وهتفت والدنيا تردد عاليا
ويوم أن يرجع المسلمون إلى كتاب ربهم وسنة نبيهم صلى الله عليه وسلم ومبادئ دينهم فقد اهتدوا إلى منبع سعادتهم ومصدر قوتهم.