أما الطواف بالبيت فأمره عجب، هذا البيت الذي جعله الله مثابة للناس وأمناً يستقبله المؤمن في صلاته على البعد خمس مرات في اليوم والليلة، ها هو الآن يقف أمامه وينظر إليه وقد ملأ عينه وقلبه جلاله وهو لا يبعده إنما يعبد ربه جل جلاله الذي جعله مثابة للناس وأمناً ومركزاً تلتف حوله قلوب المسلمين في المشارق والمغارب فيتوحدون في الاتجاهات والأهداف.
والطواف به يرمز إلى التزام شرع الله والعمل به وترك ما عداه من أفكار ومذاهب ونظم أرضية، فهو يلتزم منهج الله تعالى التزامه الطواف حول بيته الحرام عملاً ودعوة إليه والسعي تردد بين الصفا والمروة. والوقوف بعرفة تذكير بيوم القيامة ليأخذ المسلم أهبته ولا يشغله عنه حطام الدنيا ونعيمها الفاني، كما أنه فرصة للوقوف مع النفس لمحاسبتها وتذكيرها ومعاتبتها ومراجعتها فإن وجد خيراً حمد الله تعالى وسأله المزيد منه والثبات عليه وإن وجد غير ذلك بادر بالتوبة والوقوف بين يدي الله الذي يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار ويبسطها نهارا ليتوب مسيء الليل.. ورمي الجمرات رمز لرجم الشهوات النفسية والمذاهب البشرية ولك ما يخالف شرع الله ويروم تقويض بنيانه وهدم صروحه وكيانه. أما الذبح فإن الله عز وجل لا يريد منا أن نتقرب إليه بسفك دم الحيوان فإنه لن ينال منا لحومها ولا دماءها ولكن يناله التقوى منا.