الجهة الأخرى: إطعام البائسين: من ذوي الفاقة والحاجة ... وسنحاول فيما يلي بيان الأحكام المتعلقة بكل جهة، ثم نعقب ذلك بالبحث عن الطريقة المثلي في كيفية وصول هذه الذبائح إلى مستحقيها الحقيقيين.
مدى حق صاحب النسك في الأكل من نسكه:
أقول بادئ ذي بدء: إن هناك اتفاقاً بين العلماء على أن الأمر بالأكل في الآيتين السابقتين ناسخ لما كان عليه أهل الجاهلية من الامتناع عن أكل شيء من نسكهم فأمر الله عز وجل نبيه صلى الله عليه وسلم وأمته، من خلال هاتين الآيتين بمخالفتهم وقد بدأ صلى الله عليه وسلم تنفيذ هذا الأمر بنفسه حيث أمر- صلى الله عليه وسلم- من كل بدنة ببضعة فجعلت في قدر فطبخت فأكل من لحمها وشرب من مرقها [٣٥] .
الدماء التي لا يجوز لصاحبها الأكل منها:
١- هدي التطوع الذي يعطب قبل وصوله إلى المحل الذي سيق إليه وهو البيت الحرام، لما رواه أبو قبيصة: ذؤيب بن حلحلة قال: " كان النبي صلى الله عليه وسلم يبعث معه بالبدن ثم يقول: وإن عطب منها شيء فخشيت عليها موتاً فانحرها ثم اغمس نعلها في دمها ثم اضرب به صفحتها ولا تطعمها أنت ولا أحد من أهل رفقتك" رواه أحمد ومسلم وابن ماجه [٣٦] .
فهذا الحديث واضح في إفادة عدم جواز أكل صاحب الهدي أو من يرافق سائق الهدي منه، إذا نحر أو ذبح قبل محله بسبب عطبه.
وهل يمنع أيضاً إذا كان الهدي الذي عطب قبل محله هدي فرض كدم المتعة أو القران؟.
يرى بعض العلماء: أن المنع عام: أي في التطوع والفرض لعموم حديث قبيصة وما ورد في معناه. إذ ليس فيه ما يشير إلى أن هذا الحكم خاص بهدي التطوع دون الفرض.