للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويرى فريق آخر: أن المنع خاص بهدى التطوع لأن الهدايا التي ورد بشأنها الحديث كانت للتطوع فيقتصر الحكم المستفاد منها على ما يماثلها. أما هدى الفرض وكذلك جزاء الصيد وفدية الأذى ونذر المساكين، فهو مضمون من صاحبه أي يلزمه بدله إذا عطب قبل محله لذلك يجوز له الأكل منه وأن يطعم الأغنياء والفقراء ومن أحب [٣٧] .

وهذا هو المختار: لأن الهدايا التي ورد بشأنها حديث قبيصة وما في معناه لم تكن كلها للتطوع بل منها ما هو فرض لأنه صلى الله عليه وسلم كان قارناً في أرجح الأقوال.

ولأن صاحب الهدى العاطب لما أغرم بدله صار الحيوان العاطب كأن لم يخرج عن ملكه. وبناء عليه: فإنه يجوز له أن يتصرف فيه تصرف المالك في ملكه من الأكل أو إطعام الغير. إلا أنه منع من البيع منه لما فيه من معنى العبادة والله أعلم..

كما أن الظاهر من قوله: لا تطعمها أنت ولا أحد من رفقتك ليس خاصاً بصاحب الهدى وسائقه بل عموم الرفقة الذي يرافقون الهدايا سواء كانوا من أتباع صاحب الهدايا أو لا لظاهر النهي، ولأن الحكمة من هذا النهي هو سد الذريعة حتى يجتهد الرفقة في المحافظة على الهدايا ولا يتركوها حتى تشرف على العطب لعلمهم أنهم لن يستفيدوا منها شيئاً إذا أشرفت على العطب ونحروها، بل سيستفيد بها غيرهم من الناس.

٢- دماء النذر. فإذا نذر الحاج شيئاً للمساكين وعينه بلفظ أو نية بأنه قال بلسانه: هذا نذر للمساكين، أو نواه بقلبه، فلا يحل له تناول شيء منه وهو ما يشير إليه قوله تعالى: {وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ} [٣٨] ، إذ معنى الأمر بوفاء النذر: هو إخراجه كاملاً سواء كان هدياً أو غيره والأكل منه يتنافى مع الكمال المطلوب في وفاء النذر [٣٩] .

٣- جزاء الصيد لأن الله سبحانه وتعالى جعله للمساكين بقوله عز وجل: {أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ} [٤٠] وهذا على قراءة طعام بكسر الميم على قراءة نافع [٤١] .