وقد كان يمثل لمنافع الحديد عند نزول الآية الكريمة بالقصعة والإبرة والفأس ونحوهما، أما الآن فيصعب حصر أدوات منافعه، كما كان يمثل لبأسه بالسيف والدرع ونحوهما وأين ذلك من بأس الحديد الآن.
وفي الآية الكريمة فوق كونها من أصرح الآيات دلالة على ربط العلوم والمؤسسات والمصانع بألوهية الله تعالى فيها فوق ذلك معجزة عظيمة من معجزات القرآن الكريم لهذه الإشارة بكلمات قليلة مشتملة على كل ما يمكن أن يخطر بالبال من منافع الحديد وبأسه.
وقد أثبت الرسول صلى الله عليه وسلم الأجر لصانع السلاح والممد به كما أثبته لمن يباشر القتال به.
ومن هذا يتضح بأنه ينبغي أن تكون مدارس المسلمين ومعاهدهم وجامعاتهم محققة لهذا المعنى منجبة علماء مسلمين هدفهم الأول تحقيق العبودية للإله الواحد في ذات أنفسهم، ثم دعوة غيرهم إلى تحقيقها، لا فرق بين متخصص وغير متخصص كلهم رجال دين وإن لم يكونوا كلهم علماء دين بالمفهوم التخصصي، كل منهم راسخ العقيدة ثابت الإيمان زكي الخلق عالم بما يحب عليه من عمل، عضو عامل مجاهد داع إلى الله، لا فرق- في الأصل- بين مدرس وقاض وطبيب وسياسي واقتصادي وصانع. كل منهم يشعر وهو يؤدي عمله أنه يعبد الله ويحقق مع إخوانه الخلافة التي أراد الله منهم تحقيقها في الأرض. لا انفصام ولا تنافر ولا خلاف بل التحام وتعاون واعتصام يجسدون في الواقع معنى الأخوة:
{إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} ومعنى التعاون: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى}"مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى".