فلنعط هذا العالم ما يشاء ولنقو في نفسه عدم الرغبة في الإنتاج الصناعي والفني، فإذا عجزنا عن تحقيق هذه الخلطة وتحرر العملاق من قيود جهله وعقدة الشعور بعجزه عن مجازاة الغرب في الإنتاج فقد بؤنا بالإخفاق الذريع وأصبح خطر العالم العربي وما وراءه من الطاقات الإسلامية الضخمة خطراً داهماً يتعرض به التراث الحضاري الغربي لكارثة تاريخية ينتهي بها الغرب وتنتهي معه وظيفته القيادية ". اهـ.
والأصل أن يتلقى المسلم العلوم الكونية من مسلم ارتبط علمه بعقيدته، فإذا لم يوجد العالم المسلم الذي يغني المسلمين عن التلقي على أيدي الكافرين فإن أخذ العلم عنهم عندئذ متعين ولكن ليس لكل فرد من أفراد المسلمين أن يكون ذلك المتلقي بل الواجب أن يختار الأفراد الذين لا يخشى عليهم من دسائس الكافرين وشبهاتهم ممن أعدوا إعداداً خاصاً في تصورهم الصحيح للإسلام وربوا تربية إيمانية ثابتة ودربوا على السلوك الإسلامي حتى أصبح يسري في أرواحهم ودمائهم ويجب أن يتلقوا فقط العلوم الكونية البحتة وألا يتلقوا شيئاً من الجوانب الاعتقادية أو الأخلاقية أو التشريعية أو الاجتماعية، وأن يكونوا عالمين أن تلقيهم عن هؤلاء الأعداء إنما هو من باب الاضطرار كأكل الميتة يقدر بقدره فإذا أصبح في استطاعة المسلمين الاستغناء بعلمائهم كان لزاماً عليهم بذل جهودهم لتعليم أبنائهم تعليماً يفوقون به أعداءهم حتى يحققوا أمر الله عز وجل:
وهذا هو السبيل الذي سلكه المسلمون في العصور الفاضلة عصور الفتح والعلم والقيادة التي كانت أوروبا في حينها في عصورها المظلمة المسماة بالعصور الوسطى التي يخطىء بعض الكتاب من المسلمين بل الراجح أنهم يتعمدون أن يطلقوها على تلك العصور النيرة للمسلمين زوراً وبهتاناً.