أقول: لقد سلك السلمون هذا المسلك العظيم فاطلعوا على العلوم الموجودة في عهدهم وكانت مطوية في الكتب التي تدرس نظرياً وتشرح وتترجم وتختصر فقط فحولها المسلمون إلى علوم تجريبية تطبيقية في فترة يسيرة من الزمن فأصبحوا أساتذة العالم وموجهيه يفد إليهم طالبو المعرفة من كل مكان، والسر في ذلك ما سبق من اعتبارهم كل عمل يعملونه عبادة تقربهم إلى الله. ولقد عرف أعداء الإسلام هذا السر الذي قفز بالمسلمين في فترة قصيرة من رعاة إبل حفاة جهال متباغضين إلى قادة للعالم حكماء كأنهم جسد واحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى.
ولنستمع إلى المستشرقة الألمانية زغريد هونكه - إذ تقول في كتابها المشهور (شمس العرب تسطع على الغرب) : "وهكذا فإن لعلم الفلك لدى المسلم معنى دينياً عميقاً فالنجوم ومدارها والشمس وعظمتها والقمر وسيره لبرهان ساطع على عظمة الله وقوته، الخالق الذي جاء باسمه النبي العربي مبشراً به خالق السموات والأرض وجاعل الظلمات والنور العليم بما في الصدور"اهـ.