للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وعلى هذا الأساس جد الغربيون في الاكتشاف والتجربة وظهرت ثمار جدهم المادية بسرعة هائلة أذهلت المسلمين الذين كانوا هم يغطون في نوم عميق هذه المرة، ففتحوا أعينهم على مصانع الأرض وهي توزع على العالم إنتاجها وآلاتها النافعة في السلم والحرب. كما فتحوا أعينهم على أنظمة إدارية متقنة تقل فيها الفوضى، وأنظمة سياسية يتقلص فيها الاستبداد وتجسم فيها الديمقراطية التي فيها نوع من الشبه بالشورى في الإسلام، فانبهروا لما رأوا وندموا على ما أضاعوا من الوقت وانجلى أمام أعينهم ما هم فيه من التأخر عن ركب التقدم المادي الذي أحرزه الغرب فتاقت نفوسهم للحاق بالركب الحضاري المادي فتعالت الصرخات للحث على الأخذ من تلك العلوم التي أحرز الغرب تقدماً فيها. فنادت فئة بأخذ ما عند القوم على علاته ما يتصل بالجانب الإنساني من عقيدة وقانون وأخلاق، وما يتصل بالجانب الكوني. وعارضتها فئة أخرى معارضة كاملة تدعو إلى الابتعاد عن الغرب وعلومه خشية من انحراف المسلمين إلى عقائد الكفار وأخلاقهم ونادت فئة أخرى إلى أخذ الصالح النافع الذي لا يعارض الإسلام، وهو الجانب الكوني فقط مع الحذر من عقائدهم وسلوكهم وليت هذه الفئة انتصرت على الفئتين الأخريين إلا أن الأولى متطرفة تدعو إلى فتح الباب على مصراعيه لكل شر وبلاء والثانية- تدعو إلى غلقه مطلقاً، وهو أمر غير ممكن وخير الأمور أوسطها.