فأطلقه وأخذ عليه ألا يهجو مسلما بعد ذلك. واستطاع الفاروق أن يضرب بيد من حديد على يد كل عابث أو مستهتر. وبهذا فلم يتقول زنديق أي شعر يشيح بوجهه نحو الإسلام وفي عهده كله لم تقم لغير الشعر الإسلامي قائمة وكفاه بهذا أجرا وثوابا.
وظل الفاروق رضي عنه طوال مدة خلافته حاكما عادلا لا تأخذه في الله لومة لائم. مما يجعلنا نوقن أن الفاروق لا نظير له على الإطلاق في حكام الدنيا كلها قديمها وحديثها باستثناء أنبياء الله وباستثناء الصديق رضي الله عنه.
ولأمر فضي الله جل في علاه. استشهد الفاروق رضي الله في صلاة الفجر على يد المجرم الأثيم أبي لؤلؤة فيروز المجوسي. يبدو أن وراءه بعض اليهود والمجوس.
وقال عمر عندما علم بنفاذ الطعنة المجوسية اليهودية:
الحمد لله الذي جعل نهايتي على يد رجل لم يسجد لله سجدة واحدة. وتوفي رضي الله عنه لثلاث بقين من ذي الحجة سنة ثلاث وعشرين للهجرة.
ودفن صبيحة أن ما في بيت عائشة بعد أن أمر ولده عبد الله أن يستأذن عائشة (وعمر في نعشه) ويقول لها عبد الله: عمر بن الخطاب بالباب يستأذن في أن يدفن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم. فإن أذنت فبها والحمد لله. وإلا فادفني بالبقيع مع صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم. وأذنت عائشة بعد أن كانت تتمنى أن تدفن هي بجانب رسول الله صلى الله عليه وسلم وبجانب أبيها رضي الله عنه. وكان سن الفاروق يوم استشهاده دون الستين بثلاث سنوات كما قيل [١٧] .
وفي الختام نذكر وصف ابن عباس للفاروق حين سأله عنه معاوية فقال:
رحم الله أبا حفص كان والله حليف الإسلام ومأوى الأيتام ومنتهي الإحسان. ومحل الإيمان وكهف الضعفاء ومعقل الحلفاء.