قال ابن عباس: فقلت: زهير بن أبي سلمى. فقال هلم من شعره ما تستدل به على ما ذكرت فقلت: امتدح قوما من بني عبد الله بن غطفان فقال:
قوم بأولهم أو مجدهم قعدوا
لو كان يقعد فوق الشمس من كرم
طابوا وطاب من الأولاد ما ولدوا
قوم أبوهم سنان حين تندبهم
مرزءون بها ليل إذا حشدوا
إنس إذا أمنوا جن إذا فزعوا
لا ينزع الله منهم ما له حسدوا
محسدون على ما كان من نعم
فقال الفاروق: أحسن. وما أعلم أحداً أولى بهذا الشعر من هذا الحي من بين هاشم بفضل رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال ابن عباس: فقلت: وفقت يا أمير المؤمنين. ولم تزل موفقا.
وبهذا كان يقول عمر عن زهير: أشعر الشعراء من لا يعاظل في كلامه ولا يمدح الرجل إلا بما فيه. ولقد سأل كعب بن زهير يوما: هل بليت الحلل التي كساها هرم أباك. فقال له: بليت فقال عمر: ولكن الحلل التي كساها أبوك هرما. لم تبل. يشير على شعر زهير في مدح هرم بن سنان نحو قوله
يلق السماحة منه والندى خلقا
من يلق يوما على علاته هرما
وكان الفاروق ذواقة مرهف الأحساس. أبكاه متمم بن نويرة حين أنشد الصديق عينيته التي رثى بها أخاه مالك بن نويرة الذي قتل مع مانعي الزكاة والمرتدين ومنها:
من الدهر حتى قيل لن يتصدعا
وكنا كندماني جذيمة حقبة
لطول اجتماع لم نبت ليلة م
فلما تفرقنا كأني ومالكا عا
ورق الفاروق لصبية الحطيئة إذ استشفع بهم إليه من حبسه وهو الذي لا يقبل شفاعة مخلوق مهما كان شأنه. والحق في دين عمر أحق أن يتبع.. إنها تعاليم الإسلام ولكنه رق لأطفال الحطيئة حين قال له:
زغب الحواصل لا ماء ولا ثمر
ماذا تقول لأفراخ بذي مرخ
فاغفر عليك سلام الله يا عمر
ألقيت كاسبهم في قعر مظلمة
ألقى إليك مقاليد النهي البشر
أنت الأمام الذي من بعد صاحبه
لكن لأنفسهم كانت بك الأثر
لم يؤثروك بها إذ قدموك لها