خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} وعبادته سبحانه هي توحيده في ربوبيته والهيته وأسمائه وصفاته وطاعة أوامره وترك نواهيه عن إيمان وتصديق ورغبة ورهبة كما سبق بيان ذلك، وسمى الله سبحانه دينه عبادة لأن العباد يؤدونه بخضوع وذل لله سبحانه، ومن ذلك قول العرب: طريق معبد أي مذلل قد وطئته الأقدام وبعير معبد أي مذلل قد شد عليه حتى صار ذلولاً، وهذه المسألة أعني مسألة التوحيد والإخلاص لله وتخصيصه بالعبادة دون كل ما سواه- هي أهم المسائل وأعظمها وهي أهم المسائل وأعظمها وهي التي وقعت فيها الخصومة بين الرسل والأمم حتى قالت عاد لهود عليه السلام:{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} وقالت قريش للنبي صلى الله عليه وسلم لما أمرهم بالتوحيد: {أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهاً وَاحِداً إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ} وقالوا أيضاً فيما ذكر الله عنهم في سورة الصافات: {أَإِنَّا لَتَارِكُو آلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَجْنُونٍ} بعد قوله سبحانه: {إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ} فعلم بهذه الآيات وما جاء في معناها أن أهل الشرك يستنكرون دعوة التوحيد ويستكبرون عن التزامها لكونهم اعتادوا ما ورثوه عن آبائهم من الشرك بالله وعبادة غيره..