ويبقى هنا ما ذهب إليه الكاتب الفاضل من القول بأن كراهية اليهود للسيد المسيح إنما تفجرت من تجاوزه بالدعوة حدود قومه إلى الأمم الأخرى.. والحق أن كراهيتهم للمسيح ليست بدعاً في تاريخ قوم آذوا موسى، واتخذوا العجل إلهاً، ونبيهم بين أظهرهم وبلغوا من الطغيان إلى حد استباحة دماء الأنبياء، وكادوا يفعلون ذلك بخاتمهم يوم بني النضير، لو لم يحفظه الله من غدرهم، حتى كان فتح خيبر، فدست ابنة الحارث- زوجة سلام بن مشكم- له السم في ذراع الشاة، فلم يزل يحمل أثره حتى أتم الله به الرسالة للثقلين، فأذن آنذاك لسم اليهودي بأن يعمل عمله في أبهره الشريف، بأبي هو وأمي، وبذلك كتب الله له الشهادة فكان كإخوانه من النبيين الذين قتلهم غدر اليهود.
د- وأخيراً لقد وقف الكاتب الفاضل القسم الكبير من مقاله على إبراز آثار الثقافة الإسلامية والعربية في الفكر اليهودى وما إليه من الفنون، ولما أراد الحديث عن الشعر بدأ بمزامير نبي الله داود عليه السلام فقال: "حتى الشعر فإنهم يقولون: برع اليهود في الشعر قديما براعة لم يكن يدانيهم أحد فيها. واشتهرت من ذلك (مزامير داود) التي كانت مجموعة من التسابيح لله سبحانه، وكانت شعراً.